وقد وجهت النيابة العامة إلى المتهمين العشرة تهم الاتجار بالبشر وتسهيل أعمال الفجور والدعارة وقررت إحالتهم إلى محاكمة عاجلة أمام محكمة جنايات أبوظبي. وطالبت النيابة بإيقاع أقصى العقوبة المقررة قانوناً والتي قد تصل إلى السجن المؤبد فضلاً عن الإبعاد عن البلاد وفق قانون العقوبات رقم 51 لسنة 2006 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر. يشار إلى أن القانون الاتحادي بشأن مكافحة الاتجار بالبشر هو القانون الأول من نوعه في العالم العربي، ويمثل الإطار القانوني لمكافحة الاتجار بالبشر، ويُعرّف فيه الاتجار بالبشر بأنه تجنيد أشخاص أو نقلهم أو ترحيلهم أو استقبالهم بواسطة التهديد والقوة أو استخدام أشكال القهر أو الاختطاف أو الخداع أو إساءة استخدام السلطة أو استغلال حالة الضعف أو تلقي مبالغ مالية لنيل موافقة شخص آخر لغرض الاستغلال. ويشمل الاستغلال جميع أشكال الاستغلال الجنسي أو دعارة الغير أو السخرة أو الخدمة قسراً أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء.
وحدد القرار في مادته الثالثة أن مراكز الإيواء تعمل وفقاً للهيكل التنظيمي واللوائح والنظم المعمول بها بمراكز الإيواء وتمنح مديرة المركز الصلاحيات الإدارية والمالية المخولة لمديرات المراكز اللاتي يعملن تحت الإشراف المباشر للمديرة التنفيذية لمراكز الإيواء وفقاً لأحكام لائحة صلاحيات الاعتماد الصادرة بقرار رئيس الهيئة رقم (4) لعام 2009 بشأن إصدار لائحة صلاحيات الاعتماد لمراكز الإيواء. ويبلغ القرار إلى الجهات المعنية ولمن يلزم للعمل بموجبه كل فيما يخصه اعتباراً من تاريخ صدوره.
وأكد سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان أن دولة الإمارات العربية المتحدة وبتوجيهات من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله تهدف إلى احتلال موقع قيادي في إطار الجهود العالمية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر إضافة إلى تصميمها على مكافحة هذه الآفة سواء في الداخل أو الخارج. وأشاد سموه بدعم الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة من خلال تزويد مركز أبوظبي بالميزانية التأسيسية في العام 2008 وتوجيهاته الكريمة بتخصيص ميزانية للمراكز للعام الجاري بمبلغ عشرة ملايين درهم.
أول قانون على المستوى العربي
يعتبر القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر هو الأول من نوعه على مستوى العالم العربي، وقد صدر هذا القانون متسقاً مع القوانين الاتحادية النافذة والمتعلقة بدخول وإقامة الأجانب وتنظيم علاقات العمل وتنظيم المشاركة في رياضة سباق الهجن والإجراءات الجزائية وقانون العقوبات. وينص قانون الاتجار بالبشر على أقصى العقوبات، بما في ذلك عقوبة السجن المؤبد، ويغطي كافة أشكال الاتجار بالبشر، إذ لا يقتصر على الرق المقنع، بل يتسع ليشمل الاستغلال الجنسي وعمالة الأطفال والمتاجرة بالأعضاء البشرية. كما يفرض القانون عقوبة السجن المؤبد إذا ارتكب الفعل بطريق الحيلة، أو إذا صحبه استعمال القوة، أو التهديد بالقتل، أو الأذى الجسيم أو أعمال تعذيب بدنية أو نفسية. وينص القانون المكون من 16 مادة على تطبيق عقوبات صارمة ضد كل من ارتكب أياً من جرائم الاتجار بالبشر، وتتراوح عقوبات السجن بين العام الواحد والسجن المؤبد، كما تتراوح الغرامات المالية بين 100 ألف درهم ومليون درهم.
ووصفت المحكمة المتهمين بالشبكة الإجرامية التي اجتمعت كلمتهم على تكوين شبكة لإيقاع المجني عليهن في شراك جريمة ممارسة أعمال الدعارة بالحيلة والخداع والغش في بادئ الأمر، واتخاذهم ما يلزم من إجراءات لاستقبالهن بالبلاد، واستئجار شققا لإيوائهن فيها، وحبسهن واحتجازهن بداخلها، واتفقوا فيما بينهم على تحديد دور كل منهم، لتوجه إليهم النيابة العامة تهم “الاتجار بالبشر” و الشروع في ارتكاب جريمة الاتجار بالبشر والحض على ارتكاب أعمال الفجور والدعارة، لتتم محاكمتهم بعد تداول القضية وتصدر بحقهم الأحكام السابق ذكرها.
وشدد المجلس على أن دولة الإمارات تولي أهمية كبيرة لأوضاع المرأة والطفل في الساحات والمناطق الملتهبة وتسعى دائما إلى تبني المبادرات التي تصون كرامة هذه الشرائح وتحد من معاناتها باعتبارها الأكثر تأثرا بالكوارث والأزمات وتداعيات الفقر والتهميش في العديد من الأقاليم حول العالم.
وبحث المجلس في اجتماعه العديد من المحاور التي تعزز دور المراكز وتحقق أهدافها في صون الكرامة الإنسانية للضحايا، واستعرض مجالات التنسيق وتعزيز الشراكة مع عدد من الهيئات والمؤسسات في الدولة منها هيئة الصحة أبوظبي والنيابة العامة وشرطة أبوظبي وإمكانية توقيع مذكرات تفاهم معها لتحديد أطر التعاون وآليات التنسيق والمتابعة. وفي النواحي الإدارية اطلع المجلس على النظام الأساسي والتوصيف الوظيفي والهيكل التنظيمي المقترح وتقارير المتابعة المالية وآليات استيعاب الضحايا داخل المراكز والإجراءات المتبعة في هذا الصدد. حضر الاجتماع أعضاء مجلس الإدارة سارة إبراهيم شهيل المديرة التنفيذية للمراكز وعبدالرحمن الطنيجي والدكتورة مريم المزروعي ولانا زكي نسيبة وعائشة ناصر سعيد وإبراهيم التميمي وسعاد المناعي والدكتورة آمال محمود عبد العال عضو ومقرر مجلس الإدارة.
وفي التفاصيل، كشف التقرير عن تعرض 34 ضحية لعملية اتجار في 23 قضية مسجلة خلال العام الماضي تورط فيها 76 متهماً، وأفاد اللواء خميس المزينة بأن هناك قضايا فيها أكثر من ضحية ومتهم، لافتاً إلى تسجيل 20 ضحية و69 متهماً في عام 2008. وأشار التقرير إلى أن 88? من ضحايا الاتجار في البشر من النساء بواقع 33 امرأة تم استغلالهن جميعاً في أعمال جنسية تشمل إجبارهن على ممارسة الدعارة مقابل 12? من الأطفال، فيما أعلن القائد العام لشرطة دبي بالإنابة اللواء خميس مطر المزينة، أن «مواطنين يتورطون في هذه القضايا بحسن نية».
وكشف المزينة عن اعتزام شرطة دبي إنشاء إدارات متخصصة في الطب الشرعي تتبع الإدارة العامة للأدلة الجنائية تفحص فقط ضحايا جرائم الاتجار في البشر، ويعمل فيها متخصصون لتحديد ما إذا كانت الضحية تعرضت فعلياً للاستغلال أو أنها تمارس الدعارة برغبتها. وقال المزينة إن شرطة دبي تعمل بالتنسيق والتعاون مع مؤسسات ودوائر محلية منها مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال على إيواء الضحايا وتوفير الدعم النفسي والمادي والقانوني لهم، مشيراً إلى أن هذا يشمل الرعاية الصحية وتقديم الفحوص اللازمة لهم نظراً لأن بعض الضحايا يصاب بأمراض معدية.
وحول تلاعب بعض العصابات في جوازات سفر الفتيات، أشار المزينة إلى رصد تلاعب في بيانات بعض الجوازات الصادرة من دول معينة لتغيير أعمار الفتيات حتى يمكنهن السفر بمفردهن، مؤكداً أن هذا يُعد نوعاً من الفساد في الدائرة المعنية بإصدار الجوازات في تلك الدول، لكن شرطة دبي لا تستطيع التدخل في شؤون تلك الدول وتكتفي بالتدقيق في عملية دخول رعاياها والتنسيق مع المنظمات الدولية لمكافحة تلك الجريمة.
وقدم أوراق العمل مسؤولون من جهات مختلفة معنية بمكافحة الاتجار بالبشر بالسويد كوزارة الاندماج والمساواة بين الجنسين وجامعة مالمو ومجلس الشرطة الوطني والنيابة العامة الدولية – مكتب استوكهولم، ووحدة مكافحة الاتجار بالبشر بشرطة استوكهولم. وضم وفد الدولة المشارك في الندوة ممثلين عن وزارة الداخلية واللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر ومراكز الإيواء.
وعلى هامش المشاركة في الندوة قام وفد الدولة بزيارة عدد من المؤسسات ذات العلاقة بمكافحة الاتجار بالبشر، حيث زار مؤسسة حماية الشابات وهي مؤسسة تعنى بضحايا جرائم الاتجار بالبشر من الفئة العمرية ما بين 18-30 سنة. واطلع الوفد على تجربة المؤسسة في حماية ضحايا الاتجار بالبشر وأهم البرامج والسياسات التي تتبعها المؤسسة وأيضا المشاكل والعقبات التي تعترض جهودهم في حماية ورعاية الضحايا.
وتعود تفاصيل القضية بحسب بيان صادر عن دائرة القضاء في أبوظبي أمس، إلى إيهام كل من المتهمين السبعة الأوائل (ش. م.ا)، و(ع.أ.أ)، و(أ.م.ا)، و(م.أ.أ)، و(أ.م.ع.ق)، و(خ.ع.ا)، و(أ.ع.ا)، عدداً من الفتيات «المجني عليهن» بتوافر فرص عمل قانونية في الإمارات، وتمكنوا بتلك الحيلة من استقدامهن، واستعمال القوة والتهديد والأذى الجسدي والتعذيب البدني والنفسي بقصد استغلالهن جنسيا لممارسة الدعارة، كما قاموا باحتجازهن وحرمانهن من الطعام.
وكان المتهمون الـ13، قد كونوا شبكة إجرامية توهم الضحايا بوجود فرص عمل في الإمارات برواتب مغرية، وذلك بمساعدة متهمين من خارج الدولة يعملون معهم يتولون إقناع الضحايا بالقدوم إلى الدولة بتأشيرات يستخرجها المتهمون لهن، ثم يستقبلونهن بالمطار، ويحجزون لهن المسكن، ثم يأخذون جوازات سفرهن، ويحتفظون بها ويهددونهن، ويمنعون عنهن الطعام ويضربونهن لإجبارهن على ممارسة الدعارة مع الرجال مقابل أجر مادي.
وتمكنت واحدة من المجني عليهن من الهرب من المسكن المحتجزة به، وقامت بإبلاغ الشرطة وإرشادها إلى مكان احتجاز المتهمين للضحايا، وتعاملت الشرطة مع البلاغ بحزم، وتم إعداد خطة، ليتم ضبط عدد من المتهمين وهم يحتجزون عدداً من المجني عليهن داخل إحدى الشقق.
وبعد أسبوع تقدمت اثنتان من المجني عليهن هربتا من مسكن آخر حيث كان يحتجزهما المتهمون، لتتقدما ببلاغ، وتم التعامل مع الأمر سريعا، حيث تم ضبط شقة أخرى للمتهمين، أرشدت إليها المجني عليهما، و ضبط أفراد جدد في الشبكة الإجرامية، فيما تم القبض على متهم آخر في المطار.
وتوصلت تحريات الشرطة إلى أن هناك فيلا أخرى يحتجز فيها المتهمون ضحايا أخريات، وبعد استئذان النيابة العامة في أبوظبي داهمتها الشرطة، وتم القبض على عدد آخر من المتهمين، وعثر على مجموعة أخرى من المجني عليهن وقد تم احتجازهن داخل الفيلا بالإكراه. ووصفت المحكمة المتهمين بالشبكة الإجرامية التي اجتمعت كلمتهم على تكوين «شبكة عنكبوتية» لإيقاع المجني عليهن في شراك جريمة ممارسة أعمال الدعارة بالحيلة والخداع والغش في بادئ الأمر، واتخاذهم ما يلزم من إجراءات لاستقبالهن بالبلاد. وبناء على ذلك، وجهت النيابة العامة للمتهمين تهم «الاتجار بالبشر» والشروع في ارتكاب جريمة الاتجار بالبشر والحض على ارتكاب أعمال الفجور والدعارة. (عن جريدة الاتحاد)