وقال:
أود أن أغتنم هذه الفرصة لاستعراض الجهود التي تبذلها دولة الإمارات لتعزيز حقوق الإنسان في الداخل والخارج وعن التحديات الخطرة في مجال حقوق الإنسان التي نواجهها في منطقتنا وعن كيفية تعزيز قدرة مجلس حقوق الإنسان على معالجة هذه القضايا الملحة . إن دولة الإمارات ملتزمة كل الالتزام بتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، ففي منطقة نشهد فيها الآثار المدمرة لبطالة الشباب وارتفاعاً خطراً في مؤشرات الصراع الطائفي وخطر التراجع في مجال حقوق المرأة تقف دولة الإمارات كمنارة للأمل والفرص والتسامح .
تتمتع دولة الإمارات بمجتمع مزدهر واقتصاد متنوع يحظى بتنمية بشرية متميزة وعالية، فقد استثمرنا في المواطن وشجعنا الحريات الاقتصادية وقمنا بتمكين جميع المواطنين والمقيمين من الوصول إلى التعليم والحصول على الرعاية الصحية، حيث نالت الإمارات المرتبة 41 عالمياً في مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية والمرتبة 14 عالمياً والأولى على مستوى العالم العربي في مؤشر السعادة الجديد للأمم المتحدة .
كما نفتخر بأننا نعيش في مجتمع متسامح ومتعدد الثقافات يحتضن أكثر من 200 جنسية مختلفة يعيشون معاً بانسجام ويمارسون شعائرهم بحرية في المساجد والكنائس وغيرها من دور العبادة ويكفل حمايتهم نظام قانوني ينبذ التعصب الديني بكافة أشكاله . إننا نعتبر تمكين المرأة شرطاً أساسياً لتطورنا كمجتمع حديث وعصري، حيث تشارك المرأة بفعالية في شتى مجالات الحياة المدنية والاقتصادية والسياسية في دولة الإمارات منها القضاء والشرطة والجيش والسلك الدبلوماسي والقطاع الخاص . وتحتل المرأة 66 في المئة من الوظائف الحكومية وتمثل 70 في المئة من خريجي الجامعات، وهو أعلى معدل في العالم وتحتل الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى على مستوى العالم العربي والمرتبة ال40 عالمياً فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين .
إن مكانة دولة الإمارات باعتبارها موقع عمل جذاب جعل منها إحدى أكبر الدول المستضيفة للعمالة الأجنبية وهذا ما يستفيد منه بطبيعة الحال كلا الطرفين، ونظراً للعدد الكبير من العمال الأجانب في الإمارات اعتمدت الدولة استراتيجية واسعة النطاق لحماية حقوق العمال، فقد صادقنا على تسع اتفاقيات رئيسية لمنظمة العمل الدولية تتعلق بحقوق العمال واعتمدنا العديد من التشريعات لحماية حقوقهم بما في ذلك مجالات التوظيف والأجور والسكن والصحة .
ولا تزال هذه المسألة تشكل محور اهتمامنا من أجل إدخال المزيد من الإصلاحات على النظامين التشريعي والتنفيذي تتناسب مع المعايير الدولية، حيث قامت الدولة باتخاذ العديد من التدابير لحماية العمال، فبحلول نهاية عام 2012 بلغ عدد العمال الذين يتلقون أجورهم من خلال نظام حماية الأجور الذي تم إنشاؤه مؤخراً 2 .3 مليون عامل في نحو 215 ألف منشأة، كما أجرت وزارة العمل 162 ألفاً و413 زيارة تفتيشية لمواقع العمل في عام 2012 لضمان تنفيذ هذه الإجراءات وبغية إضفاء المزيد من الحماية على العمالة المنزلية سيتم إصدار قانون جديد لتعزيز حمايتها، ومع ذلك نعتقد أن هناك المزيد من العمل يتعين علينا القيام به نحو تعزيز جهودنا في هذا المجال . وعلى الرغم من هذه الإنجازات فإن دولة الإمارات مستمرة في مسيرتها نحو تعزيز حقوق الإنسان باعتباره تحدياً يتطلب منا مواصلة العمل من أجل مراجعة تشريعاتنا وتعزيز آليات تنفيذها بغية ضمان انسجامها مع أفضل المعايير والممارسات الدولية في هذا الشأن .
السيد الرئيس . . تلتزم دولة الإمارات أيضاً في تبني أجندة تعزز حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم وليس هناك أدنى شك في أننا نواجه عدداً كبيراً من التحديات في هذا الصدد .
ونحن ندرك مدى أهمية التنمية الاقتصادية والتخفيف من وطأة الفقر من أجل النهوض بحقوق الإنسان، ولذا فنحن مستمرون في تقديم مساعداتنا الخارجية السنوية، ففي عام 2012 بلغ مجموع قيمة هذه المساعدات 59 .1 مليار دولار، حيث مثلت ما نسبته 33 .0 في المئة من الدخل القومي الإجمالي للدولة وفقاً لمنهجية لجنة المساعدة الإنمائية لمنظمة التعاون والتنمية، وفي هذا الصدد ستستمر الدولة في المساهمة في الرؤية الجماعية لتعزيز التنمية البشرية في إطار جهود الجمعية العامة للأمم المتحدة الرامية إلى تحديد “أجندة التنمية لما بعد عام 2015” . وفيما يتعلق بحقوق المرأة تدعم دولة الإمارات برنامج تمكين المرأة على الصعيد الدولي إيماناً منها بأهمية هذا البرنامج وانطلاقاً من تجربتها الخاصة في هذا الشأن وإن انضمامنا في العام الماضي إلى المجلس التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة وتعيين سمو وزير الخارجية لدولة الإمارات راعياً للمبادرة المهمة التي تقودها المملكة المتحدة بشأن منع العنف الجنسي في حالات النزاع ما هو إلا خير دليل على ذلك .
السيد الرئيس . . تشعر دولة الإمارات بقلق عميق إزاء التحديات الراهنة التي تواجهها حقوق الإنسان في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تواجه شعوب هذه المنطقة تهديدات خطرة ينبغي أن تحظى باهتمام خاص من قبل الأمم المتحدة . وفي هذا السياق تؤكد دولة الإمارات دعمها للمسار الديمقراطي في جمهورية مصر العربية الذي يحظى بدعم أغلبية المصريين في مواجهة واضحة لأعمال الإرهاب والعنف والتطرف التي يواجهها هذا البلد الشقيق وندعو المجتمع الدولي إلى دعم هذا المسار . إن الظروف المأساوية التي يعيشها الشعب السوري تبعث في أنفسنا حزناً عميقا ويتعين علينا في هذا الصدد أن نوجه رسالة واضحة ومتحدة بشأن هذه الأزمة الإنسانية . كما تدعم دولة الإمارات بقوة الجهود المبذولة حالياً لتسهيل التوصل إلى حل قائم على دولتين لوضع حد لمعاناة الفلسطينيين لعقود عدة .
السيد الرئيس . . تؤمن دولة الإمارات بأن التعاون الدولي لا سيما من خلال الأمم المتحدة هو الأرضية المناسبة للجهود الرامية إلى تعزيز حقوق الإنسان، ونحن فخورون بأن نكون عضواً في مجلس حقوق الإنسان الذي نعتبره آلية حيوية لتفعيل وتنسيق التعاون بين الدول وإجراء حوار بناء للنهوض بحقوق الإنسان .
في العام الماضي قدمت دولة الإمارات تقريرها الثاني للاستعراض الدوري الشامل ونحن نقدر الفرصة التي تمنحها هذه الآلية للانخراط في حوار بناء مع المجتمع الدولي والأخذ بالأفكار والتجارب من أجل تحقيق المزيد من التقدم في مجال حقوق الإنسان، كما نرى أن الاستعراض الدوري الشامل يعد عملية أساسية لتطوير أوضاع حقوق الإنسان في كافة الدول . ومنذ اعتماد تقرير الاستعراض الدوري الشامل لدولة الإمارات في يونيو/حزيران 2013 شرعنا في متابعة تنفيذ التوصيات التي قبلتها الدولة من قبل مختلف مؤسسات الدولة وفي المجالات كافة . وفي ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي قدمنا أيضاً تقريرنا الدوري الأول للجنة العربية لحقوق الإنسان وفقا للميثاق العربي لحقوق الإنسان ونحن بصدد المساهمة في القيام بدور رائد في إقامة وتعزيز آليات فعالة لحقوق الإنسان في إطار جامعة الدول العربية . وفي عام 2013 بدأت دولة الإمارات حواراً غير رسمي بشأن حقوق الإنسان مع الاتحاد الأوروبي وتهدف هذه المبادرة إلى التشجيع على إجراء حوار مفتوح وبناء في هذا الشأن وذلك بروح من الاحترام المتبادل من أجل تعزيز فهم التحديات التي نواجهها وعرض الإنجازات التي حققناها في مجال حقوق الإنسان ودعم التقدم الذي نحرزه جميعا في هذا الصدد .
السيد الرئيس . . ونحن ننظر إلى العالم من حولنا فإنه لا يساورنا أي شك في أننا نعيش زمنا ملؤه التحديات ومن هذا المنظور فإن تعزيز حقوق الإنسان في هذا السياق ليس بالأمر الهين كما أنه لا توجد أية حلول سهلة وعلينا أن نترفع عن استخدام هذا الملف المهم لأغراض سياسية لا تخدم أهدافه السامية .