17 فبراير 2008

الإمارات تختتم مشاركتها في منتدى فيينا لمكافحة الاتجار بالبشر

كما أكد الدكتور قرقاش بأن التبرع الذي تقدمت به دولة الإمارات العربية المتحدة للمبادرة العالمية للأمم المتحدة لمحاربة الإتجار بالبشر، إنما يؤكد جديتها في دعم توجهات المجتمع الدولي نحو تبني مبادرات من شأنها تضييق الخناق على سبل تفشي واستفحال هذه الجريمة الدولية، كما تأتي أيضاً في إطار سعيها إلى توفير البيئة المناسبة لتبادل الخبرات الميدانية والمعرفة اللازمة لدعم هذا التوجه.

وقد شهد المنتدى خلال أعمال أيامه الأربعة إعلان اللجنة الوطنية عن استراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة في مكافحة جرائم الإتجار بالبشر والتي تقوم في محتواها على أربعة ركائز رئيسية وتدعو في شقها الدولي إلى تعزيز أواصر علاقات التعاون الدولي المشترك لمواجهة هذه الظاهرة المتنامية عبر الحدود. وفي هذا السياق أكد الدكتور قرقاش بأن دولة الإمارات العربية المتحدة تدعم بكل إمكاناتها بناء شراكة عالمية لتحقيق الأهداف المشتركة في اجتثاث ظاهرة الاتجار بالبشر من جذورها، مؤكداً بأن المسؤولية مشتركة وأن الغرض من منتدى فيينا يتمثل في دعم كافة الجهود الرامية إلى هذا المسعى.

وقد شارك أعضاء الوفد الإماراتي، الذي ضم أعضاء اللجنة الوطنية لمكافحة الإتجار بالبشر المكونة من ممثلي وزارات العدل والداخلية والعمل ووزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، إلى جانب ممثلين عن الشرطة والقطاع غير الحكومي- في مجموعة من الحوارات الثنائية واللجان الفرعية وجلسات العمل التي تناولت مجالات رئيسية ذات صلة بالإتجار بالبشر.

وكان المؤتمر قد استهل أعماله بحضور أعضاء الوفد جلسات المنتدى البرلماني الذي حضره أكثر من مائة من أعضاء البرلمانات من دول العالم المختلفة وتم تخصيصه لمناقشة التشريعات الوطنية المتعلقة بالإتجار بالبشر. وقام أعضاء وفد الإمارات بتوزيع نشرات خاصة بالقانون الاتحادي رقم (51) لمكافحة الإتجار بالبشر، وهو الأول من نوعه في المنطقة. كما اطلعوا على تشريعات دولية ووطنية متعلقة بهذه القضية قدمتها الوفود الأخرى.

وشاركت الوفود في عدد من الجلسات التي تناولت قضايا متنوعة ومنها العمل القسري، أو ما يطلق عليه “الاستعباد الحديث”، الأدوات والآليات الرئيسية المطلوبة لمنع الاتجار بالبشر. وأكدت دولة الإمارات التزامها وتصميمها على مكافحة كافة أشكال العمالة القسرية وحددت الخطوط العريضة لمشاركتها الكاملة في تعزيز الشراكات الثنائية بين الدول المصدرة للعمالة ووجهاتها لمنع هذه الجريمة البشعة في منبعها.

وقد شكل التعاون الدولي موضوعاً رئيسياً طيلة جلسات العمل والمناقشات. وقال الدكتور عبد الرحيم العوضي وكيل وزارة العدل المساعد للتخطيط والتعاون والدولي أثناء مشاركته في الجلسة المخصصة لمناقشة مواقف وردود فعل الأجهزة العدلية الجنائية تجاه قضايا الإتجار في البشر: “إن دولة الإمارات العربية المتحدة تسعى بشكل حثيث لصياغة شراكات في جميع المجالات المتعلقة بمكافحة هذه الجريمة، وخاصة في مجال التعاون والتنسيق وتبادل المعلومات”.

وقد أتاح المنتدى أمام أعضاء الوفد الإماراتي الفرصة لتعزيز جهودهم في مجال تطوير تقنيات مكافحة جرائم الإتجار بالبشر وذلك من خلال مجموعة من صيغ الشراكة والتعاون وتبادل الخبرات المشتركة. كما عقد الدكتور قرقاش وفريقه عدد من اللقاءات الثنائية على هامش المنتدى مع عدد من كبار المسؤولين الدوليين، شملت المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة أنطونيو كوستا ورؤوساء وحدات مكافحة الاتجار بالبشر في منظمة العمل الدولية ومنظمة الهجرة الدولية، بالإضافة إلى مدير مركز مكافحة الاتجار بالبشر في المملكة المتحدة.

وعلى الصعيد نفسه، عقد ممثلي السلطات التنفيذية من المشاركين في وفد الدولة إلى فيينا مجموعة من الاجتماعات المثمرة مع نظرائهم في وحدات محاربة الفساد وخبراء مكافحة الاتجار بالبشر على مستوى العالم، وذلك للوقوف على التجارب الدولية والتعرف على أفضل الممارسات والتقنيات والبرامج الخاصة بمكافحة الاتجار بالبشر.

وعلى صعيد الجهود المبذولة في رعاية ضحايا المتضررين بهذه الجرائم من النساء والأطفال، عقدت مراكز الإيواء في دولة الإمارات العربية المتحدة المشاركة في وفد الدولة إلى فيينا مجموعة من صيغ التعاون والشراكة مع نظرائها الدوليين، وذلك في توجه يؤكد بأن دعم وإعادة تأهيل ضحايا الاتجار بالبشر هو ركيزة رئيسية من ركائز استراتيجية دولة الإمارات لمكافحة هذه الجريمة النكراء. وأكدت عفراء البسطي، مديرة مؤسسة دبي الخيرية لرعاية النساء والأطفال في هذا السياق بأن الإتجار بالبشر يعد جريمة متشعبة ومتعددة الأطراف بين البلدان المصدرة والمستقبلة للضحايا وبلدان أخرى تربطها علاقات عديدة بهذا الشأن. وأضافت قائلة: “لا يمكن لعملية إعادة تأهيل الضحايا أن تكون ذات فاعلية وتأثير دون توفر صلات قوية على مستوى الحكومات والمنظمات والهيئات المعنية في كافة أنحاء العالم”.

وقد أجرى ممثلو مركز أبوظبي لإيواء النساء والأطفال، الذي أفتتح مؤخراً أمام ضحايا الاتجار بالبشر، مباحثات موسعة مع مجموعة واسعة من العاملين في نفس القطاع حول العالم. وقد تركزت النقاشات في هذا السياق على آفاق تبادل الخبرات المشتركة وإمكانية تطبيق مجموعة من الممارسات والتجارب الدولية في هذا المجال.

وإبان اختتام دولة الإمارات العربية المتحدة، ممثلة بوفد اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الإتجار بالبشر، لمشاركتها في منتدى فيينا قال الدكتور قرقاش: “لقد كانت مشاركة ناجحة بكافة المقاييس، حيث حقق منتدى فيينا الغرض الرئيسي من وراء انعقاده. لقد جمعت فيينا بين كل أولئك الذين اختاروا عدم تجاهل محنة مئات الآلاف من البشر ممن يعانون سنوياً على أيدي المجرمين الذين يستغلونهم أبشع استغلال”. واختتم قائلاً بأن أعضاء الوفود إلى هذا المنتدى لم يركزوا على إصدار البيانات الختامية أو القرارات، وإنما استطاعوا تكريس أنفسهم تماماً لمحاربة الاتجار بالبشر وتوحيد العزيمة والهدف في هذه المعركة الهامة، معبراً عن أمله في رؤية نتائج ايجابية للمبادرة العالمية للأمم المتحدة لمحاربة الاتجار بالبشر في الأشهر القادمة.